دروب الحلقة 15

دروب التسويات في الشرق الأوسط على حساب الوطن الفلسطيني لصالح اليهود من ألفه إلى يائه " 14 " 

  • دروب التسويات في الشرق الأوسط على حساب الوطن الفلسطيني لصالح اليهود من ألفه إلى يائه " 14 " 
  • دروب التسويات في الشرق الأوسط على حساب الوطن الفلسطيني لصالح اليهود من ألفه إلى يائه " 14 " 
  • دروب التسويات في الشرق الأوسط على حساب الوطن الفلسطيني لصالح اليهود من ألفه إلى يائه " 14 " 

اخرى قبل 3 سنة

دروب الحلقة 15

دروب التسويات في الشرق الأوسط على حساب الوطن الفلسطيني لصالح اليهود من ألفه إلى يائه " 14 " 

* صفقة القرن  -  الحلقة الثالثة

*  الكاتب والباحث في الشأن الفلسطيني عبدالحميد الهمشري والمحامي علي أبوحبلة - رئيس مجلة آفاق الفلسطينية / قسم الدراسات الاستراتيجية

صفقة  القرن إن كان هناك حقاً صفقة هي مجرد إعادة صياغة لمقترحات أمريكية سابقة تلبي احتياجات " إسرائيل " ومصالحها ،  فـ  "إسرائيل" مثلما هو معروف هي مستودع  أسلحة  أمريكا  الاستراتيجية وبمجرد  استشعارها بأن هنالك خطراً يتهدد  وجودها فإنها على استعداد في سبيل إنقاذها استخدام أسلحتها  الاستراتيجية لتدمير  هذا البلد  أو ذاك ، إن كان  سيشكل خطراً عليها  ، فسبق لها وأن  استخدمت سفينة التجسس  ليبرتي التي  أعلن أن سلاح  الجو الإسرائيلي  ضربها في نهاية حرب حزيران للتغطية على  ما صنعت من حيث التشويش على الرادارات المصرية والمنطقة  حتى لا تتمكن من الكشف عن انطلاق سلاح الجو الإسرائيلي تجاه  أراضيها  في ضربته الاستباقية  لمطاراتها لتمكينه من تدمير الطيران المصري  في مرابضه لتخلي له  وللجيش  الصهيوني الجو  منفرداً ليسرح ويمرح في الأرض  العربية  ، بدليل أن هذا الجيش حين  حاول عرض  عضلاته  على الأردن  في الكرامة في عام 1968 غاص في أوحالها ولم يتمكن  من فعل شيء بل ذاق الهزيمة  المرة وعاد خائباً من حيث  أتى يجر أذيال الهزيمة والخسران  ، وحين ابتدأت معركة تشرين التحريكية  واخترق  الجيش المصري خط بارليف مندفعاً نحو سيناء ، وقفت جولدامئير باكية في مؤتمر  صحفي  بتل أبيب لتعلن  أن الطريق   لتل أبيب  باتت سالكة للجيش المصري، فدخلت  الولايات  المتحدة  أتون المعركة فوراً  بسلاحها البري والجوي وأنزلت دباباتها وجنودها بسيناء لوقف الهجوم المصري وصنعت ثغرة الدفرسوار لإنقا ذ  " إسرائيل "  من خطر الانهيار ،  وبعد ذلك كانت عرابة كامب دفيد  التي قادت للصلح المصري  مع إسرائيل  ..  كما أنها  دمرت العراق  وحلت جيشه لمجرد إطلاقه 39صاروخاً على المواقع  العلمية الإسرائيلية  وخلال الانتفاضات وضعت بكل  ثقلها في سبيل إجهاض تلك الانتفاضات وأي جهد فلسطيني يصب في صالح قيام  الدولة  الفلسطينية ، فمنذ  قيام الدولة الصهيونية وقادة أمريكا والكيان العبري يسعون جاهدين لشطب إسم  فلسطين من القاموس الدولي  ومعالجة القضية إنسانياً يعتمد توطين الفلسطينيين في  أماكن تواجدهم ... وهو  ما  اعتمدته سياسة ترامب التي اتخذت خطوات سلبية تجاة قضية الشعب الفلسطيني  للحيلولة دون قيام دولته  لأن قيام  هذه الدولة من منظور صهيوني يعني فشل المشروع الصهيوني فالتحركات الأمريكية  حتى اللحظة  تثبت بالدليل القطعي  معاداتها  المطلقة للفلسطينيين وتطلعاتهم في الحرية والاستقلال ، فما ميز الحديث عن  صفقة القرن أنها كانت قصة من لا  يضيره  العبث بحقوق الناس ومن لديه القدرة على تزييف الحقائق واختلاق  الأراجيف والإشاعات  فيتناولها من  جوانب عديدة تماماً مثلما تفعل  كل مخابرات العالم المتمكن من طرح أكاذيب وإشاعات  تتناولها وكأنها حقيقة لدرجة أن  من يطلقها نفسه ينخدع بها وتنطلي عليه الحيلة ولا يعود  مدركاً  أنه مطلقها  ،   فيصدقها  علماً أن الإشاعة يؤلفها حاقد وينشرها أحمق ويصدقها غبي.

فهناك نقاط التقاء في وجهات النظر الأميركية - الإسرائيلية في الخطة فالحديث  عنها حوّل المشكلة الفلسطينية من مشكلة حقوق شعب يسعى الى استرجاع أرضه ويطالب بقيام دولته المستقلة، إلى مشكلة ذات طابع إنساني اقتصادي. فأمريكا تتعامل مع مسائل النزاع القائم في  فلسطين  بالطريقة عينها التي تتعامل فيها مع صفقة تجارية متجاهلة العوامل الوطنية والقومية التي تتحكّم في هذا النزاع الدموي ،  فمثلما هو  معروف فإن التطلعات الوطنية أقوى من أي اتفاق، وهذه التطلعات لا يستطيع أن يتحكم بها الزعماء ولا يمكن التوصل الى صفقة شاملة لنزاع معقد ومشحون بأحلام قومية - دينية مثل النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني بمنطق الصفقة التجارية ، فكيف  يمكن  التوقع  من شعب هدرت حقوقه وسلبت منه أرضه ويقاوم وما يزال يقدم التضحيات الجسام أن يتنازل عن  حقه بااضغط  والقمع أو حتى بالمغريات؟ 

 

وما ترتئيه أمريكا  يتفق وتوجهات اليمين الإسرائيلي الحاكم الذي كل همه منصب نحو تجريد القضية الفلسطينية من بعدها الوطني والقومي والتاريخي، واستغلال الاضطرابات التي تمر بها دول المنطقة وعدم إيلاء الكثير  من العرب الاهتمام بالقضية الفلسطينية وتحويلها لمشكلة أمنية واقتصادية يكمن حلّها من خلال معالجة موضوع الإرهاب الفلسطيني والضائقة الاقتصادية.

 

كما يلتقي  مع ما  يروج له في "صفقة القرن" في التوصل إلى مفاوضات شاملة لتحقيق تسوية نهائية وهذه نقطة تناسب حكومة نتنياهو اليمينية التي ليس مطلوباً منها الآن تقديم أية تنازلات للفلسطينيين، وبإمكانها المضي قدماً في فرض وقائع على الأرض والاستمرار في عملية البناء في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، والإدعاء بأنها الطرف الذي يتجاوب مع مساعي الطاقم الأميركي للسلام بخلاف الطرف الفلسطيني الرافض التعاون معه، لكن هذه النظرة الأمريككية الأمريكية تعتورها نواقص عديدة  أهمها أنها لا تستطيع خلق الثقة بين الطرفين من أجل التغلّب على الصعوبات الجوهرية التي ستنشأ خلال عملية التفاوض وانعدام الثقة سيجعل مسيرة المفاوضات مثقلة بالأزمات وسيعرّض عملية السلام كلها للخطر. 

 

إلى جانب أنها تتلاقى مع هدف اسرائيلي راهن يتمثل في الدور الذي تعطيه لبعض الدول العربية، إذ تسعى إسرائيل حالياً الى استغلال مناهضتها للدور الإيراني في المنطقة من أجل التقرّب من هذه الدول  وبحسب ما تسرّب من الجولات على بعض الدول العربية التي أجراها كوشنير وفريقه  الأمريكي  المفاوضممن أن  هذه الدول تتجه لتمويل مشاريع اقتصادية لإعادة بناء غزّة ودعم السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، مع التشديد على غزّة لإقامة منطقة تجارة حرّة بين غزّة والعريش، وبناء مشاريع صناعية كبيرة يكون ثلثا العاملين فيها من سكان غزّة والثلث الباقي من سكان العريش . لكن الاقتراح الأميركي يصطدم بأكثر من عقبة تتعلق أولاهما  بمشكلة القدس الشرقية، والحديث عن إقامة دولة فلسطينية في المنطقة "أ" و"ب" وأجزاء من المنطقة "ج" في الضفة الغربية، والتعامل مع غزّة ككيان منفصل، الأمر الذي يثير المخاوف من أن  هذا فيه توجه لفرض مزيد من الانقسام الفلسطيني الفلسطيني بتشجيع إسرائيلي - أميركي  يفرض التعامل  مع قيادات فلسطينية عديدة يخدم التوجه  الترامبي واليمين  الصهيوني المتطرف يؤدي لتصفية القضية الفلسطينية  وينهي  وحدة  الشعب الفلسطيني  ووحدانية  تمثيله الممثلة بمنظمة التحرير  الفلسطينية  ، وفي هذا غباء  وحمق قاتل فتعدد الأطراف الفلسطينية المفاوضة  فيه تضييع لكل قضايا الشعب  الفلسطيني بتجزئة مكوناته سواء من  غزة أو  الضفة أو أي أطراف أخرى ممكن ظهورها ترضى بعلاج  القضية من  منظور اقتصادي إنساني بمقابل ثمن بخس يجري شطب فلسطين  بموجبه من السجلات الأممية  ، وفي هذا خطر تهويدي على أجزاء واسعة من  الضفة الغربية خاصة  القدس  ونابلس " أورشليم  وشخيم " وما  حولهما، ودعماً للانقسام  يستخدم الفريق الأمريكي  المفاوض الأميركي في تسويقه لصفقة القرن أسلوب "المحفّزات الايجابية" حيال إسرائيل، وأسلوب التهويل والضغط حيال الفلسطينيين أي أسلوب العصا والجزرة. من المحفّزات للكيان  العبري نقله السفارة الأميركية الى القدس وإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، وامتيازات إقليميّة ومساعدات اقتصاديّة.

في الوقت الذي يستخدم الأميركيون فيه مع الفلسطينيين أسلوب الضغط كإقدامهم على إغلاق مكتب منظمة التحرير في الولايات المتحدة الأميركية والغاء مخصّصات "الأونروا" وتخويفهم بخسارة كل شيء اذا لم ينضموا الى المفاوضات. ويقوض هذا الأسلوب العملية برمتها  من جذورها  وتفقد ثقتهم بـأمريكا كراعية للمفاوضات لاحيازها  الأعمى لإسرائل ويبقي  المنطقة في مرجل التفجير في  أية  فرصة  تمكن فيها الفلسطينيين من تحقيق تطلعاتهم.

إن كان  ترامب  يعتقد أن أسلوب الاهانة والترهيب الذي يستخدمه سيجبر الفلسطينيين على العودة إلى المفاوضات فهو واهم ولن ينجح في إجبار الفلسطينيين على التخلي عن حقوقهم الوطنية التاريخية، بل سيزيدهم اصراراً على التمسك بها مهما كان الثمن وفي ظل هذه الظروف من الصعب الحديث عن تسوية سلمية حقيقية خاصة ما زاد في الطين  بلّة قانون " قومية الدولة  اليهودية " الذي أقرته "إسرائيل"، لأبعاده الخطيرة على الفلسطينيين  كونه يستهدف وجودهم في فلسطين التاريخية  حتى فلسطينيي الداخل  الفلسطيني  وهو يدخل في إطار الخطوات التي اتخذتها الولايات المتحدة لصالح الكيان الصهيوني ، فهو جزء من هذه  الصفقة الشؤم الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية بكل أبعادها السياسية والتاريخية والدينية ، كونه يرى أن  حق تقرير المصير هو حصرياً من حق اليهود على كل فلسطين بما  فيها القدس والضفة الغربية دون الشعب الفلسطيني .. فالقانون يلغي الوجود العربي في المدن المحتلة ويخدم توجهات  قادة العدو في اليمين الصهيوني المتطرف الفاشلة  بسلخ  الفلسطينيين عن هويتهم وثقافتهم ووطنهم، فالقانون يخدم اليهود فقط في محاولة لخلق واقع  فلسطيني مشوه لا انتماء له  في الأرض  الفلسطينية فاعتماد  قانون القومية بعد قيام إسرائيل بـ 70 عاماً يثبت زيف ادعاءاتهم بحقهم في فلسطين وشكهم  بانتمائهم، ومشروعية وجودهم في الأرض الفلسطينية ففلسطين للفلسطينيين والشمس لا تغطى بغربال ولا صفقة هناك موجودة بل تسليم بالأمر الواقع  فلسطين لليهود وعلى الفلسطينيين القبول بما يملى عليهم دون نقاش ، هذه هي صفقة  ترامب الواهم بقدرته  على فرض الحل " الحل للفلسطينيين إنساني اقتصادي مقابل  التنازل عن الحق  في فلسطين والتسليم بها لليهود بمقدساتها ، بسهلها وبحرها وخليجها ونهرها وجبالها وصحاريها  وأرضها  ".   

 

 

 

 

 

 

 

التعليقات على خبر: دروب التسويات في الشرق الأوسط على حساب الوطن الفلسطيني لصالح اليهود من ألفه إلى يائه " 14 " 

حمل التطبيق الأن